كورونا.. كيف أثر التباعد الاجتماعي على المكفوفين والصم؟

كورونا.. كيف أثر التباعد الاجتماعي على المكفوفين والصم؟

المكفوفون يجدون صعوبة تقترب من الاستحالة في تطبيق التباعد لأن حياتهم تعتمد أساسا على اللمس

لم تؤثر مصاعب التباعد الاجتماعي الناتج عن انتشار وباء كورونا (كوفيد-19) على الصحة النفسية للأفراد الخاضعين للعزل الصحي -سواء في المستشفيات أو المنازل- وعلى الاقتصاد فقط، بل امتدت لتحيل الحياة اليومية لذوي التحديات الخاصة إلى تحديات مستمرة الواحدة تلو الأخرى.

التلامس الزائد يعرض المكفوفين لزيادة نسبة إصابتهم بفيروس كورونا (غيتي)

التلامس الدائم للمكفوفين

يعيش المكفوفون اسوأ أيام حياتهم في هذه الفترة، ففي الوقت الذي يحذر فيه الأطباء من لمس الأغراض بدون داع، وتجنب لمس الأغراض العامة كالأزرار ومقابض الأبواب، والابتعاد عن الأشخاص مسافة كافية لتجنب الإصابة بفيروس كورونا يجد المكفوفون صعوبة تقترب من الاستحالة في تطبيق هذا الأمر، لكون حياتهم تعتمد أساسا على اللمس، فهم يرون العالم من حولهم عبر أصابعهم.

وبينما يستطيع المبصرون أن يضغطوا على أزرار المصاعد بقلم أو يفتحوا الأبواب بأكواعهم بدلا من أيديهم يحتاج المكفوفون لاستكشاف مكان الزر أو المقبض بأصابعهم ويدورون حول المكان الذي من المفترض أن يوجد فيه الزر أو المقبض، فلا مساعدة قبل الوصول إلى المكان الذي يريدونه، إذ يجب القيام بهذا الأمر بأصابعهم مباشرة، في حين لا يمكن استخدام وسيط كعصا قصيرة أو قفاز بلاستيكي.

هذا التلامس الزائد يعرض المكفوفين لزيادة نسبة إصابتهم بالفيروس، ولكن لا يقتصر الأمر على ذلك فقط، فالمكفوفون عادة ما يحتاجون للمساعدة طوال وجودهم خارج المنزل، سواء لعبور الطريق أو شراء المستلزمات من المتجر، وكانوا عادة ما يحصلون على هذه المساعدة بشكل سريع طوال الوقت.

كثيرون باتوا لا يهتمون بتقديم المساعدة لذوي الاحتياجات مفضلين ترك مسافة التباعد الاجتماعي (غيتي)

لكن بعد انتشار الفيروس أصبح الحصول على المساعدة أمرا صعبا، فالكثيرون باتوا لا يهتمون بتقديم المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة مفضلين ترك مسافة التباعد الاجتماعي على الاقتراب لدرجة التلامس، وأضحى هؤلاء يقفون لدقائق طويلة في أماكنهم دون الحصول على مساعدة، مما يجعل أبسط التنقلات عبئا زائدا عليهم.

ويزداد الأمر سوءا في البلاد التي لا تعتمد على طريقة “برايل” على منتجاتها المختلفة أو على اللافتات، فيضطرون لانتظار المساعدة من الأشخاص، وحتى خيار شراء احتياجات المنزل عبر الإنترنت كما يفعل كثير من الأشخاص لا يكون دائما خيارا متاحا، خاصة إن كان الشخص الكفيف يعيش بمفرده.

الأقنعة تعيق التواصل

يعاني الصم وأصحاب الصمم الجزئي وضعاف السمع أيضا من الآثار الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، فعلى الرغم من أنهم يستطيعون الرؤية ولا يحتاجون لمساعدة من الآخرين كما يحدث مع المكفوفين فإن هذه الجائحة جعلت التواصل معهم أصعب على عدة أصعدة.

ويعتمد ضعاف السمع غالبا على ارتفاع صوت محدثهم قدر الإمكان، ولكن مع ارتداء الأقنعة التي تخفض الصوت إجباريا ومع التباعد الاجتماعي أصبح أمر الاستماع مستحيلا عند هذه الفئة.

كما أن من يتمكن من فهم محتوى الحديث عن طريق قراءة الشفاه أصبح غير قادر على هذا الأمر بعد الآن، لأنه من الضروري أن يغطي القناع منطقة الفم بالكامل.

وينصح موقع “ديوك هيلث” (Duke Health) المصابين بالصمم الكلي أو الجزئي بعدم الادعاء بفهم محتوى الحديث، بل الإصرار على أن يعلم محدثه أنه لا يستطيع السمع، فالأمر غير مشين، كما أن هناك بعض الحالات الضرورية في الأجواء الاستثنائية التي نعيش فيها والتي تستوجب فهم الحديث كاملا.

أقنعة بنافذة شفافة

هناك بعض الأمل لمن يستطيعون قراءة الشفاه، فقد استطاع الكثيرون إنتاج أقنعة شفافة حتى تكون الشفاه غير محجوبة وفي نفس الوقت غير معرضة للفيروس، لكن هذه الأقنعة لا تزال محدودة الانتشار، وإن كانت هناك أصوات عديدة تطالب بأن تصبح هذه الأقنعة هي الخيار الأول والبديهي عند ارتداء القناع.

لكن لأن أقنعة النافذة الشفافة غير متاحة في كل المتاجر بأغلب الدول حتى الآن بدأ خبراء الأعمال اليدوية في صناعة أقنعتهم بأنفسهم، داعين الآخرين إلى الاحتذاء بهم، تسهيلا على الذين يعانون من الصمم، لأنه على الرغم من أن مشكلة الصم أبسط إلى حد كبير من مشكلة المكفوفين فإنهم يعلمون أنهم لا يستطيعون الرؤية.

في المقابل، فإن الصمم ليست مشكلة مرئية يستطيع الأغراب معرفتها والتعامل على أساسها.

نشر هذا المقال عبر موقع الجزيرة اللالكتروني – المصدر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *